في ليلة صيفية دافئة من عام 2024، كانت النجوم تتلألأ في سماء القاهرة، بينما كان نادر، عالم الآثار الشغوف، يتجول في أروقة المتحف المصري الجديد. كان يبحث بين المخطوطات القديمة في أحد المخازن المهجورة حتى وجد مخطوطة فرعونية نادرة، مزينة بنقوش معقدة وحروف متشابكة. قرأ نادر بصعوبة النقوش التي تتحدث عن حدث غامض يحدث كل 100 عام في معبد حتشبسوت، في ليلة مقمرة تتعامد فيها الكواكب في خط واحد. وصفت المخطوطة كيف أن هذه الليلة تحمل سرًا لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، وأن كل من دخل المعبد في تلك الليلة لم يعد أبدًا.

لم يستطع نادر مقاومة شغفه بالبحث والاكتشاف. قرر المغامرة بنفسه، دون أن يخبر أحدًا عن خطته. انطلق إلى الصعيد، إلى قرية “المنسية”، وهي قرية نائية محاطة بتلال رملية وأشجار نخيل متناثرة، تعيش في ظلال من الأساطير والقصص المخيفة. بيوتها المبنية من الطين والطوب القديم كانت تحمل رائحة الزمن، وسكانها يميلون إلى الابتعاد عن الغرباء وخاصة في مثل هذه الليلة.

عندما وصل نادر إلى القرية، شعر بعيون الأهالي تراقبه بصمت وقلق. جلس مع الشيخ “سالم”، حكيم القرية وصاحب المعرفة العميقة بتاريخ المكان. قال الشيخ سالم بنبرة جادة ومليئة بالتحذير: “يا بني، المعبد ليس كغيره من المعابد. إنه بوابة لشيء لا يدركه عقل. في كل مئة عام، يظهر هذا النور، ويجذب إليه الفضوليين، لكن لا أحد منهم يعود. الليلة هي ليلة اللعنة، احذر إن أردت الحفاظ على روحك.”

شعر نادر بالقشعريرة تسري في جسده، لكن فضوله لم يهتز. ومع حلول الليل وظهور القمر الكامل، توجه نادر نحو المعبد المهجور. دخله وسط الصمت المهيب ورائحة الرطوبة التي كانت تملأ المكان. كانت خطواته تتردد في الأروقة الحجرية، وكلما اقترب من أعماق المعبد زاد الضوء الأخضر سطوعًا وغموضًا.

وفي أعماق المعبد، وجد نادر بوابة قديمة مفتوحة، تشع نورًا أخضر مذهلاً، وكأنها تنتظره. مرّ من خلالها دون تفكير، وشعر بتيار بارد يجتازه وكأنه يعبر حاجز الزمن. عندما فتح عينيه، وجد نفسه في قاعة واسعة من منزل فخم، مزين بأثاث راقٍ يعكس بريق زمن قديم. لم يكن هذا المكان مهجورًا كما توقع، بل كان مأهولاً.

جلس أمامه رجل ذو هيئة مهيبة، بملابس فاخرة وشارب ملتف، ينظر إليه بعيون ثاقبة وابتسامة غامضة. كان ذلك الباشا “فؤاد الرفاعي”، أحد أعيان القاهرة في عام 1924. نظر إلى نادر وكأنه كان ينتظره وقال بنبرة عميقة: “كنت أعلم أن هناك من سيعبر الممر في هذه الليلة المميزة. وقد أتى اليوم الذي تتحقق فيه.”